خلق الله سبحانه و تعالى الكائنات جميعاً و سخّرها لخدمة الإنسان فكلّ ما على اليابسة و كلّ ما في البحر مسخّر ميسّر للبشر فمن المخلوقات ما يستفيد النّاس منه لطعامهم فيأكلون لحومها كالأنعام و الأسماك و منها ما ينتفع النّاس من أصوافها و أشعارها في صنع لباسهم و أثاثهم و متاعهم ، و قد يغيب عن الإنسان حكمة الله سبحانه في خلق بعض الكائنات لكنّ الحقيقة التي يؤمن بها المسلم أنّ الله سبحانه و تعالى لم يخلق شيئاً عبثاً بل خلق سبحانه الكون كله بقدرٍ و سيّره بنواميس و سنن ، و تحدّى سبحانه البشر أن يخلقوا شيئاً و ضرب لهم مثلاً في خلقه الذّباب فتحدّاهم أن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا جميعاً على ذلك .
ولو تفكّر الخلق في الكون لرؤوا آيات الله ظاهرةً في الآفاق و لأخذوا العبر فكل شيءٍ يسير بقدر وهذا من عظمة الله جلّ و علا ، و يعتبر النّمل وهو من المخلوقات التي خلقها الله جندٌ من جنود الله وإذا نظر الرّائي اليها رأى العجب فهي تعمل بتناسقٍ تامٍ و نظامٍ رتيبٍ ، ويمثّل عملها أرقى أنواع العمل الجماعي وهي تتعاون و تتكافل فيما بينها ، و قصّة سيّدنا سليمان عليه السّلام مع النّملة التي حذّرت عشيرتها من الهلاك تحت أقدام جند سليمان عليه السّلام فنادتهم أن ادخلوا مساكنكم لكي لا يحطّمكم سليمان و جنده فهذا صورة من صور التّعاون و التّكافل بينهم ، وقد نهى النّبي صلّى الله عليه و سلّم عن قتل النّمل وغيره من المخلوقات بدون سببٍ فالكائنات جميعها تسبّح بحمد الله و في الحديث روي عن أحد الأنبياء كيف أمر بقتل كلّ النّمل في قريتهم حين قرصته نملةٌ واحدة فعاتبه الله تعالى وأوحى إليه أن هلاّ قتلت نملةً واحدة أي بسبب نملةٍ واحدةٍ قتلت أمّة تسبّح .
وإنّ النّمل حين يموت وهذا من صور إعجاز الله و آياته في الكون يفرز مادةً تسمى حمض الزيتيك تقوم هذه المادة على استجلاب باقي النّمل و حثّهم على دفن هذه النّملة سريعاً حتى لا تقترب منها الحشرات فتأكلها ، وإذا علق شيءٌ من هذه المادة بنملةٍ أخرى صنّفت في عداد الموتى و سارع النّمل لدفنها وإن كانت حيّه ، فسبحان الله الذي له في خلقه آيات وعبر .
الثلاثاء أغسطس 27, 2024 8:44 pm 
