منتدى يجمع محبي الأنمي و المانجا
 
الرئيسيةالبوابةاليوميةمكتبة الصورس .و .جالأعضاءأحدث الصوربحـثالمجموعاتالتسجيلدخول


آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
سييييرااااا اعرف انك عدتي تعالي هنا
بمناسبة إقتراب مرور عشرة سنوات على إنشاء المنتدى ~
هيكاري، سومي، جميع الغائبين عودوا
مرت ثمانية أعوام..
عووودوااا )"؛
اصدقائيييي
THE CODE OF DEATH (0_ o)
تجمع الاعضاء القدامى 2023
مُدَوِنَتي حَيثُ آكتُب بِها ما يَجول بِخاطري
اعضاء المنتدى؟؟
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:48 pm
الثلاثاء أغسطس 27, 2024 8:44 pm
الثلاثاء مارس 07, 2023 1:11 pm
السبت فبراير 11, 2023 10:07 pm
الثلاثاء يناير 10, 2023 1:12 pm
السبت ديسمبر 03, 2022 7:24 pm
الثلاثاء نوفمبر 29, 2022 5:12 pm
الجمعة نوفمبر 18, 2022 7:37 pm
الخميس أبريل 14, 2022 2:35 am
الأربعاء أبريل 21, 2021 11:20 am











 

 حكاية قمر الزمان مع معشوقته

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زائر
زائر
Anonymous



حكاية قمر الزمان مع معشوقته Empty
مُساهمةموضوع: حكاية قمر الزمان مع معشوقته   حكاية قمر الزمان مع معشوقته Emptyالأحد يناير 25, 2015 7:57 pm

ومما يحكى أيضاً أيها الملك السعيد أنه كان في قديم الزمان رجلٌ تاجرٌ اسمه عبد الرحمن قد رزقه الله بنتاً وولداً فسمى البنت كوكب الصباح لشدة حسنها وجمالها وسمى الولد قمر الزمان لشدة حسنه ولما نظر ما أعطاهما الله من الحسن والجمال والبهاء والاعتدال خاف عليهما من أعين الناظرين وألسنة الحاسدين ومكر الماكرين وتحيل الفاسقين فحجبهما عن الناس في قصرٍ مدة أربعة عشر سنةً ولم يرهما أحدٌ غير والديهما وجاريةٌ تتعاطى خدمتهما وكان والدهما يقرأ القرآن كما أنزله الله وكذلك أمهما تقرأ القرآن فصارت الأم تقريئ ابنتها والرجل يقرئ ولده حتى حفظا القرآن وتعلما الخط والحساب والفنون والآداب من والديهما ولم يحتاجا إلى معلمٍ فلما بلغ الولد مبلغ الرجال قالت المرأة لزوجها التاجر: إلى متى وأنت حاجب ولدك قمر الزمان عن أعين الناس؟ أهو بنتٌ أم غلامٌ؟ فقال لها: غلامٌ، قالت: حيث كان غلاماً لم لا تأخذه معك إلى السوق وتقعده في الدكان حتى يعرف الناس ويعرفوه لأجل أن يشتهر عندهم أنه ابنك وتعلمه البيع والشراء وربما يحصل لك أمر فيكون الناس قد عرفوا أنه ولدك فيضم يده على مخلفاتك وأما إذا مت على هذه الحالة وقال للناس أنا ابن التاجر عبد الرحمن فأنهم لا يصدقونه بل يقولون: ما رأيناك ولا نعرف أن له ولداً وتأخذ أموالك الحكام ويصير ولدك محروماً وكذلك البنت، مرادي أن أشهرها عند الناس لعل أحداً يكون كفؤاً لها يخطبها فنزوجها له ونفرح بها فقال لها: إنما فعلت ذلك مخافةً عليهما من أعين الناس.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثالثة والستين بعد التسعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن زوجة التاجر لما قالت له ذلك الكلام قال لها: إنما فعلت ذلك مخافةً عليهما من أعين الناس لأني محبٌ لهما والمحب شديد الغيرات وقد أحسن قول من قال هذه الأبيات:
              أغار عليك من نظري ومني       ومنك ومن مكانك والزمان
              ولو أني وضعتك في عيوني       دوماً ما سئمت من التداني
              ولو واصلتني في كـل يومٍ          إلى يوم القيامة ما كفانـي
فقالت له زوجته: توكل على الله ولا بأس على من يحفظه الله وخذه في هذا اليوم معك إلى الدكان ثم أنها ألبسته بدلةً من أفخر الملابس فصار فتنةً للناظرين وحسرةً في قلوب العاشقين وأخذه أبوه معه ومضى به إلى السوق فصار كل من رآه يفتتن به ويتقدم إليه ويبوس يده ويسلم عليه وصار أبوه يشتم الناس حيث يتبعنه لقصد الفرجة وصار البعض من الناس يقول: أن الشمس قد طلعت في المحل الفلاني وأشرقت في السوق، والبعض يقول: مطلع البدر في الجهة الفلانية والبعض يقول: ظهر هلال العيد على عباد الله وصاروا يلمحون إلى الولد بالكلام ويدعون له وقد حصل لأبيه خجلٌ من كلام الناس ولا يقدر أن يمنع أحداً منهم عن الكلام وصار يشتم أمه ويدعو عليها لأنها هي التي كانت سبباً في خروجه والتفت أبوه فرأى الخلائق مزدحمين عليه خلفه وقدامه وهو ماشٍ إلى أن وصل إلى الدكان ففتح الدكان وجلس وأجلس ولده قدامه والتفت إلى الناس فرآهم قد سدوا الطريق وصار كل من مر به من رائحٍ وغادٍ يقف قدام الدكان وينظر إلى ذاك الوجه الجميل ولا يقدر أن يفارقه وانعقد عليه اجماع النساء والرجال متمثلين بقول من قال:
                 خلقت الجمال لنا فـتـنةً        وقلت لنا يا عبدي أتقون
                 وأنت جميلٌ تحب الجمال      فكيف عبادك لا يعشقون
فلما رأى التاجر عبد الرحمن الناس مزدحمين عليه وواقفين صفوفاً نساءً ورجالاً لديه شاخصين لولده خجل غاية الخجل وصار متحيراً في أمره ولم يدر ماذا يصنع فلم يشعر إلا ورجلٌ درويشٌ من السياحين وعليه شعار عباد الله الصالحين وقد أقبل عليه من طرف الشوق ثم تقدم إليه التاجر وصار ينشد الأشعار ويرخي الدموع الغزار فلما رأى قمر الزمان كأنه قضيب البان نابتٌ على قضيبٍ من الزعفران أفاض دمع العين وأنشد هذين البيتين:
                 رأيت غصناً على كئيب          شبيه بـدرٍ إذا تـلألأ
                 فقلت ما الاسم قال لولو          فقلت لي لي فقال لا لا
ثم أن الدرويش صار يمشي الهوينا ويمسح شيبته بيده اليمنى فانشق لهيبته قلب الرخام، فلما نظر إلى الغلام اندهش منه العقل والنظر وانطبق عليه قول الشاعر:
                فبينما ذاك المليح فـي مـحـلٍ       من وجهه هلال عيد الفطر هل
                إذا بشيخٍ ذي وقـار قـد أهـل       معتمداً في مشيه على مـهـل
                يرى عـلـيه أثـر الـزهـد
                قد مارس الأيام والليالي           وخاض في الحرام والـحـلال
                وهام بالـنـسـاء والـرجـال          ورق حتى صار كـالـحـلال
                وعاد عظماً بالباقـي جـلـد
                وكان في ذا الفن مغربياً           الشـيخ عـنـده يرى صـبـيا
                وفي محبة الـنـسـاء عـذرياً         في الخصلتين مـاهـراً عـويا
                فزينـب لـديه مـثــل زيد
                يهيم بالحسنا ويهوى الحسنا        ويندب الربع ويبكي الـدمـنـا
                تخاله من فرط شوقٍ غصـنـا       مع الصبا إلى هناك أو هـنـا
                إن الجمود من طباع الصـلـد
               وكان في فن الهوى خبيراً          مستيقظاً في أمـره بـصـيرا
               وجاب منه السهل والعـسـيرا        وعانق الظـبـية والـغـريرا
               وهام بالشيب معاً والـمـراد
ثم تقدم إلى الولد وأعطاه عرق ريحانٍ فمد أبوه يده إلى جيبه وأخرج له ما تيسر من الدراهم وقال: خذ نصيبك يا درويش واذهب إلى حال سبيلك فأخذ منه الدرويش الدراهم وجلس على مصطبة الدكان قدام الولد وصار ينظر إليه ويبكي ويتحسر حسراتٍ متتابعةٍ ودموعه كالعيون النابعة فصارت الناس تنظر إليه وتعترض عليه وبعضهم يقول: كل الدراويش فساق وبعضهم يقول: أن الدرويش في قلبه من عشق الولد احتراق، وأما أبوه فأنه لما عاين هذا الحال قام وقال: قم يا ولدي حتى نقفل الدكان ونروح إلى بيتنا ولا ينبغي لنا في هذا اليوم بيعٌ ولا شراءٌ الله تعالى يجازي أمك بما فعلت معنا فأنها هي التي تسببت في هذا كله، ثم قال: يا درويش قم حتى أقفل الدكان، فقام الدرويش وقفل التاجر دكانه وأخذ ولده ومشى فتبعهما الدرويش والناس إلى أن وصلا إلى منزلهما فدخل الولد المنزل والتفت التاجر إلى درويش وقال له: ما تريد يا درويش؟ وما لي أراك تبكي؟ فقال: يا سيدي أريد أن أكون ضيفك في هذه الليلة والضيف ضيف الله تعالى فقال التاجر: مرحباً بضيف الله ادخل يا درويش.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الرابعة والستين بعد التسعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الدرويش لما قال للتاجر والد قمر الزمان: أنا ضيف الله قال التاجر: مرحباً بضيف الله، أدخل يا درويش وقال التاجر في نفسه: إذا كان هذا الدرويش عاشقاً للولد وطلب منه فاحشةً فلا بد أن أقتله في هذه الليلة وأخفي قبره وأن كان ما عنده فسادٌ فإن الضيف يأكل نصيبه. ثم أنه أدخل الدرويش هو وقمر الزمان قاعةً وقال لابنه قمر الزمان: سر يا ولدي واجلس بجانب الدرويش وناغشه ولاعبه بعد أن أخرج من عندكما فأن طلب منك فساداً فأنا أكون ناظراً لكما من الطاقة المطلة على القاعة فأنزل إليه وأقتله، ثم أن الولد لما اختلى به درويش في تلك القاعة وقعد بجانبه فصار الدرويش ينظر إليه ويتحسن ويبكي وإذا كلمه الولد يرد عليه برفقٍ وهو يرتعش ويلتفت إلى الولد ويتنهد ويبكي إلى أن أتى العشاء فصار يأكل وعينه على الولد ولا يفتر عن البكاء فلما مضى ربع الليل وفرغ الحديث وجاء وقت النوم قال أبو الولد: يا ولدي تقيد بخدمة عمك الدرويش ولا تخالفه وأراد أن يخرج فقال له الدرويش: يا سيدي خذ ولدك معك أو نم عندنا، قال: لا ها هو ولدي نائماً عندك ربما تشتهي نفسك شيئاً فولدي يقضي حاجتك ويقوم بخدمتك، ثم خرج وخلاهما وقعد في قاعةٍ ثانيةٍ فيها طاقةٌ تطل على القاعة التي هما فيها هذا ما كان من أمر التاجر.
وأما ما كان من أمر الولد فأنه تقدم إلى الدرويش وصار يناغشه ويعرض عليه نفسه فاغتاظ الدرويش وقال له: ما هذا الكلام يا ولدي؟ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم اللهم أن هذا منكراً لا يرضيك أبعد عني يا ولدي ثم قام الدرويش من مكانه وقعد بعيداً عن الولد فتبعه الولد ورمى روحه عليه وقال له: لأي شيءٍ يا درويش تحرم نفسك من لذة وصالي وأنا قلبي يحبك؟ فازداد غيظ الدرويش وقال له: أن لم تمتنع عني ناديت أباك وأخبرته بخبرك فقال له: أن أبي يعرف أنني بهذه الصفة ولا يمكن أن يمنعني ولا جبر بخاطري لأي شيء تمتنع عني أما أعجبتك؟ فقال له: والله يا ولدي ما أفعل ذلك ولو قطعت بالسيوف البواتر وأنشد قول الشاعر:
            أن قلبي يهوى الملاح ذكوراً      وأناثاً ولست بالمـتـوانـي
            بل أراهم أصائلاً وبـكـوراً         لم أكن لائطاً ولا أنا زانـي
ثم بكى وقال: قم افتح لي الباب حتى أروح إلى سبيلي أنا ما بقيت أنام في هذا المكان ثم قام على قدميه فتعلق به الولد وصار يقول له: انظر لاشراق وجهي وحمرة خدي ولين معاطفي ورقة شفائفي، ثم كشف له عن ساق يخجل الخمر والسلقي ورنا إليه بلحظٍ يعجز السحر والراقي وكان بديع الجمال كثير الدلال كما قال فيه بعض من قال:
              لم أنسه مذ قام يكشف عامداً      عن ساقه كاللؤلؤ الـبـراق
              لا تعجبوا من أن تقوم قيامتي      إن القيامة يوم كشف الساقي
ثم بين له الغلام صدره وصار يقول له: انظر إلى نهودي فأنها أحسن من نهود البنات وريقي أحلى من السكر النبات فدع الورع والزهادة وخلنا وعليك الأمان من الردى وأترك هذه البلاد فأنها بئست العادة وصارت يريه ما خفي من محاسنه ويبديه ويثني عنان عقله والدرويش لم يلتفت إليه ويخفي وجهه ويقول: أعوذ بالله استح يا ولدي أن هذا الشيء حرامٌ لا أفعله ولا في من النسك والعبادة واغتنم وصالي وتمل بجمالي ولا تخف من الشيء أبدا المنام فشدد عليه الغلام فأنفلت الدرويش وأستقبل القبلة وصار يصلي.
فلما رآه تركه حتى صلى ركعتين وسلم وأراد أن يتقدم إليه فنوى الصلاة مرةً ثانيةً وصلى ركعتين ولم يزل يفعل هكذا ثالثاً ورابعاً وخامساً فقال له الولد: وما هذه الصلاة؟ هل مرادك أن تطير إلى السحاب أضعت حظنا وأنت طول الليل في المحراب ثم أن الغلام ارتمى عليه وصار يبوسه بين عينيه فقال له: يا ولدي أخز عنك الشيطان وعليك بطاعة الرحمن فقال له: أن لم تفعل بي ما أريد أنادي أبي وأقول له: أن الدرويش يريد أن يفعل بي الفاحشة فيدخل عليك ويضربك حتى يكسر عظمك على لحمك، كل هذا وأبوه ينظر بعينيه ويسمع بأذنيه فثبت عند أبا الولد أن الدرويش ما عنده فساد وقال في نفسه: لو كان هذا الدرويش مفسداً ما كان يتحمل هذه المشقة كلها. ثم أن الولد صار يحاول الدرويش ولكما نوى الصلاة قطعها عليه حتى اغتاظ الدرويش غاية الغيظ على الولد وضربه فبكى الولد فدخل عليه أبوه ومسح دموعه وأخذ بخاطره وقال للدرويش: يا أخي حيث أنك على هذه الحالة لأي شيءٍ تبكي وتتحسر حين رأيت ولدي؟ فهل لهذا من سبب؟ فقال له الدرويش: نعم أنا لما رأيتك تبكي عند رؤيته ظننت فيك السوء، فأمرت الولد بهذا الأمر حتى أجربك واضمرت أني إذا رأيتك تطلب منه فاحشةً أدخل عليك وأقتلك فلما رأيتك ما وقع منك عرفت أنك من الصلاح على غايةٍ ولكن بالله عليك أن تخبرني بسبب بكائك، فتنهد الدرويش وقال له: يا سيدي لا تحرك علي ساكن الجراح فقال: لا بد أن تخبرني فقال له: اعلم أنني درويشٌ سياحٌ في البلاد والأقطار لاعتبر بآثار خالق الليل والنهار فاتفق أنني دخلت مدينة البصرة في يوم جمعة ضحوة النهار فرأيت الدكاكين مفتوحةً وفيها من سائر الأصناف والبضائع والمأكول والمشروب وهي خاليةٌ ليس فيها رجلٌ ولا امرأةٌ ولا بنتٌ ولا ولدٌ وليس في الشوارع كلابٌ ولا قططٌ ولا حس حسيسٍ ولا أنس أنيسٍ، فتعجبت من ذلك وقلت: يا ترى أين راح أهل هذه المدينة بقططهم وكلابهم؟ وما فعل الله بهم؟ وكنت جائعاً فأخذت عيشاً سخناً من فرن خبازٍ ودخلت دكان زيات وبسست العيش بالسمن والعسل وأكلت وطلعت دكان شرباتٍ فشربت ما أدرت، ورأيت القهوة مفتوحةً فدخلتها ورأيت فيها البكارج على النار ممتلئةً بالقهوة، وليس فيها أحدٌ فشربت كفايتي وقلت: أن هذا الشيء عجيبٌ كأن أهل هذه المدينة أتاهم الموت فماتوا كلهم في هذه الساعة أو خافوا من شيءٍ نزل بهم فهربوا وما قدروا أن يقفلوا دكاكينهم.
فبينما أنا أفكر في هذا الأمر وإذا بصوت نوبةٍ تدق فخفت واختفيت حصةً من الزمان، وصرت أنظر من خلال الخروق فرأيت جوارٍ كأنهن الأقمار قد مشين في السوق زوجاً من غير غطاءٍ بل مكشوفات الوجوه ومن أربعون زوجاً بثمانين جاريةٍ ورأيت وليدةً راكبةً على جوادٍ لا يقدر أن ينقل أقدامه مما عليه وعليها من الذهب والفضة والجواهر وتلك الوليدة مكشوفة الوجه من غير غطاءٍ وهي مزينةٌ بأفخر الزينة ولابسةً أفخر الملبوس وفي عنقها عقدٌ من الجوهر وفي صدرها قلائدٌ من الذهب وفي يديها أساورٌ تضيء كالنجوم وفي رجليها خلاخلٌ من الذهب مرصعةٌ بالمعادن والجواري قدامها وخلفها وعن يمينها وشمالها وبين يديها جاريةٌ مقلدةٌ بسيفٍ عظيمٍ قبضته زمردٌ وعلائقه من ذهبٍ مرصعٍ بالجواهر.
فلما وصلت تلك الصبية إلى الجهة التي قدامي حبست عنان الجواد وقالت: يا بناتي قد سمعت حس شيءٍ في داخل الدكان ففتشنه لئلا يكون فيه أحدٌ مستخف ومراده يتفرج علينا ونحن مكشوفات الوجوه ففتشن الدكان الذي قدام القهوة التي أنا مستخفٌ فيها وبقيت أنا خائفاً فرأيتهن قد خرجن برجل وقلن لها: يا سيدتنا قد رأينا هنا رجل وها هو بين يديك فقالت للجارية التي معها السيف: أرمي عنقه فتقدمت إليه الجارية وضربت عنقه، ثم تركته مطروحاً على الأرض ومضين ففزعت أنا لما رأيت هذه الحالة ولكن تعلق قلبي بعشق الصبية وبعد ساعةٍ ظهر الناس وصار كل من له دكان يدخلها ودرجت الناس في الأسواق والتموا على المقتول يتفرجون عليه فخرجت أنا من المكان الذي كنت فيه سراً ولم ينتبه لي أحداً ولكن تمالك قلبي عشق تلك الصبية فصرت أتجسس عليها سراً فلم يخبرني أحدٌ عنها بخبرٍ، ثم أني خرجت من البصرة وفي قلبي من عشقها حسرةٌ فلما رأيت ابنك هذا رأيته أشبه الناس بتلك الصبية فذكرني بها وهيج علي نار الغرام وأضرم لهيب الهيام وهذا سبب بكائي، ثم أنه بكى بكاءً شديداً ما عليه من مزيدٍ وقال له: يا سيدي بالله عليك أن تفتح لي الباب حتى أروح إلى حال سبيلي ففتح له الباب فخرج. هذا ما كان من أمره. وأما ما كان من أمر قمر الزمان فأنه لما سمع كلام الدرويش اشتغل باله بعشق تلك الصبية وتمكن منه الغرام وهاج به الوجد والهيام، فلما أصبح الصباح قال لأبيه: كل أولاد التجار يسافرون البلاد لتحصيل المراد وليس منهم واحدٌ إلا وأبوه يجهز له بضاعةً فيسافر بها ويربح فيها ولاي شيءٍ يا أبي لم تجهز لي تجارة حتى أسافر بها وأنظر سعدي؟ فقال له: يا ولدي أن التجار مقلون من المال فيسفرون أولادهم لأجل الفوائد والمكاسب وجلب الدنيا، وأما أنا فعندي أموالٌ كثيرةٌ وليس عندي طمعٌ فكيف أغربك وأنا لا أقدر على فراقك ساعةً خصوصاً وأنت فريدٌ في الجمال والحسن والكمال، وأخاف عليك فقال له: يا أبي لا يمكن إلا أن تجهز لي متجراً لأسافر به وإلا أغافلك وأهرب ولو كان من غير مالٍ ولا تجارةٍ وأن أردت تطيب خاطري فجهز لي بضاعةً حتى أسافر وأتفرج على بلاد الناس فلما رآه أبوه متعلقاً بالسفر أخبر زوجته بهذا الخبر وقال له: أن ولدك يريد أن أجهز له متجراً ليسافر به إلى بلاد الغربة كربة فقالت له زوجته: ماذا يضرك من ذلك؟ أن هذه عادة أولاد التجار فكلهم يتفاخرون بالأسفار والمكاسب فقال له: إن غالب التجار فقراء يطلبون كثرة الأموال وأما أنا فمالي كثيرٌ فقالت له: زيادة الخير لا تضر وأن كنت أنت لا تسمح له بذلك فأنا أجهز له متجراً من مالي، فقال التاجر: أني أخاف من الغربة لأنها بئست الكربة، قالت: لا بأس بالإغتراب الذي فيه الإكتساب ولا يذهب ولدنا ونطلبه فلا نراه ونفتضح بين الناس فقبل التاجر كلام زوجته وجهز متجراً للولد بتسعين ألف دينارٍ وأعطته أمه كيساً فيه أربعون فصاً من ثمين الجواهر أقل قيمة الواحد خمسمائة دينارٍ، وقالت: يا ولدي احتفظ بالجواهر فأنها تنفعك فأخذ قمر الزمان جميع ذلك وسافر إلى البصرة.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الخامسة والستين بعد التسعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن قمر الزمان أخذ جميع ذلك وسافر إلى البصرة وكان قد وضع الجواهر في كمرٍ وشده على وسطه ولم يزل مسافراً حتى لم يبق بينه وبين البصرة إلا مرحلةً واحدةً فخرج عليه العرب وعروه وقتلوا رجاله وخدمه فرقد بين قتيلين ولطخ روحه بالدم فظن العرب أنه مقتول فتركوه ولم يتقرب منه أحدٌ، ثم أخذوا أمواله وراحوا فلما راح العرب إلى حال سبيلهم قام قمر الزمان من بين القتلى ومشى وهو لا يملك شيئاً غير الفصوص التي على حزامه ولم يزل سائراً حتى دخل البصرة فاتفق أن دخوله كان في يوم جمعةٍ وكانت المدينة خاليةً من الناس كما أخبر الدرويش فرأى الأسواق خاليةً والدكاكين مفتوحةً وهي ممتلئةً بالبضائع فأكل وشرب وصار يتفرج.
فبينما هو كذلك إذ سمع النوبة تدق فاختفى في دكانٍ إلى أن جاءت البنات فتفرج عليهن ولما رأى الصبية أخذه العشق والغرام وملكه الوجد والهيام حتى لا يستطيع القيام وبعد حصةٍ من الزمان ظهرت الناس وملأت الأسواق فذهب إلى السوق وتوجه إلى رجلٍ جوهري وأخرج له حجراً من الأربعين يساوي ألف دينارٍ فباعه له ورجع إلى محله، ثم باع أربعة فصوصٍ بأربعة ألاف دينارٍ وصار يتفرج في شوارع البصرة وهو لابسٌ أفخر الملابس حتى وصل إلى سوقٍ فرأى فيه رجلاً مزيناً فدخل عنده وحلق رأسه وعمل معه صاحبه ثم قال له: يا ولدي أنا غريب عن البلاد وبالأمس دخلت هذه المدينة فرأيتها خاليةً من السكان وما فيها أحدٌ من أنسٍ ولا جانٍ ثم أني رأيت بنات بينهن صبيةً راكبةً في موكبٍ وأخبره بما رآه فقال له: يا ولدي هل أخبرت غيري بهذا الخبر؟ قال: لا، فقال له: يا ولدي إياك أن تذكر هذا الكلام قدام أحد غيري فأن كل الناس لا يكتمون الكلام والأسرار وأنت ولدٌ صغيرٌ فأخاف عليك أن ينقل الكلام من ناسٍ إلى ناسٍ، حتى يصل إلى أصحابه فيقتلونك. وأعلم يا ولدي أن هذا الذي رأيته ما أحدٌ رآه ولا يعرفه في غير هذه المدينة وأما أهل البصرة فإنهم يموتون بهذه الحسرة وفي كل يوم جمعةٍ عند ضحوة النهار يحبسون الكلاب والقطط ويمنعونها عن المشي في صأأالأسواق وجميع أهل المدينة يدخلون الجوامع ويغلقون عليهم الأبواب ولا يقدر واحداً منهم أن يمر في السوق ولا أن يطل من طاقةٍ ولا يعرف أحدٌ ما سبب هذه البلية ولكن يا ولدي في هذه الليلة اسأل زوجتي عن سببها فأنها دايةٌ تدخل بيوت الأكابر وتعرف أخبار هذه المدينة فأن شاء الله تعالى تأتي عندي في الغد وأنا أخبرك بما تخبرني به فكبش كبشة وقال له: يا والدي خذ هذا الذهب وأعطه لزوجتك فأنها صارت أمي وكبش كبشةً ثانيةً وقال: خذ هذا لك، فقال المزين: يا ولدي اجلس مكانك حتى أروح إلى زوجتي واسألها وأجيء إليك بالخبر الصحيح، ثم تركه في الدكان وراح إلى زوجته وأخبرها بشأن الغلام وقال له: مرادي أن تخبريني بحقيقة أمر هذه المدينة حتى أخبر بها هذا الشاب التاجر فأنه متولعٌ بالإطلاع على حقيقة أمرها وامتناع الناس والحيوانات عن الأسواق في ضحوة يوم الجمعة وأظن أنه عاشقٌ وهو كريمٌ سخيٌ فإذا أخبرناه يحصل لنا منه خيرٌ كثيرٌ.
فقالت له: رح هاته وقل له: تعال كلم أمك زوجتي فأنها تقرئك السلام وتقول لك: إن الحاجة مقضيةٌ فذهب إلى الدكان فرأى قمر الزمان قاعدٌ النظرة فأخبره بالخبر وقال له: يا ولدي اذهب بنا إلى أمك زوجتي فأنها تقول لك: أن الحاجة مقتضيةٌ، ثم أخذه وسار به حتى دخل على زوجته فرحبت به وأجلسته ثم أنه أخرج مائة دينارٍ وأعطاها لها وقال لها: يا أمي أخبريني عن هذه الصبية من تكون؟ فقالت: يا ولدي أعلم أن سلطان البصرة قد جاءته الجوهرة من عند ملك الهند فأراد أن يثقبها فأحضر جميع الجواهرجية وقال لهم: أريد منكم أن تثقبوا لي هذه الجوهرة والذي يثقبها له علي تمنيةً فمهما تمناه أعطيته له وأن كسرها فأني أرمي رأسه فخافوا وقالوا: يا ملك الزمان أن الجواهر سريع العطب وقل أن يثقبه أحد ويسلم لأن الغالب عليه الكسر فلا تحملنا ما لا نطيق فنحن لا يخرج من أيدينا أن نثقب هذه الجوهرة وإنما شيخنا أخبر منا فقال للملك: ومن شيخكم؟ قالوا له: المعلم عبيد وهو أخبر منا بهذه الصناعة، وعنده أموالٌ كثيرةٌ وله معرفةٌ جيدةٌ، فأرسل إليه وأحضره بين يديك وأأمره أن يثقب لك هذه الجوهرة فأرسل إليه وأمره بثقبها وشرط عليه الشرط المذكور فأخذها وثقبها على مزاج الملك فقال: تمن علي يا معلم. فقال: يا ملك الزمان أمهلني إلى الغد والسبب في ذلك أنه أراد أن يشاور زوجته وكانت زوجته تلك الصبية التي رأيتها في الموكب وكان يحبها محبةً عظيمةً ومن عظم محبته لها أنه كان لا يفعل شيئاً إلا إذا شاورها فيه ولأجل ذلك أمهل التمنية حتى يشاورها فلما أتى إليها قال لها: أنا ثقبت للملك جوهرةً وأعطاني تمنيةً وقد أمهلته حتى أشاورك فأي شيءٍ تريدين حتى أتمنى؟ قالت: نحن عندنا أموالٌ لا تأكلها النيران ولكن أن كنت تحبني فتمنى على الملك أنه ينادي في شوارع البصرة فأن أهلها يدخلون الجوامع يوم الجمعة قبل الصلاة بساعتين ولا يبقى في البلد كبيرٌ ولا صغيرٌ إلا ويكون في المسجد أو في البيت وتقفل عليهم أبواب المساجد والبيوت ويتركون دكاكين البلد مفتوحةً وأركب بجواري وأشق في المدينة ولا ينظرني أحدٌ من طاقةٍ ولا من شباكٍ وكل من عثرت به قتلته. فراح إلى الملك وتمنى عليه هذه الأمنية فأعطاه ما تمناه ونادى بين أهل البصرة بما تمناه فقالوا: أننا نخاف على البضائع من القطط والكلاب فأمر الملك بحبسها في ذلك اليوم حتى تخرج الناس من صلاة الجمعة وصارت تلك الجارية تخرج في كل يوم جمعةٍ قبل الصلاة بساعتين وتركب بجواربها في شوارع البصرة ولا يقدر أحدٌ أن يمر في السوق ولا أن يطل من طاقةٍ ولا من شباكٍ فهذا هو السبب وقد عرفتك بالجارية ولكن يا ولدي هل مرادك معرفة خبرها أو مرادك الاجتماع بها؟ فقال: يا أمي مرادي الاجتماع بها، فقالت: أخبرني بما عندك من الذخائر الفاخرة فقال: يا أمي عندي من ثمين المعادن أربعة أصنافٍ صنف ثمن كل منه خمسمائة دينارٍ وصنف ثمن كل واحدٍ منه سبعمائة دينارٍ وصنف ثمن كل واحدٍ منه ثمانمائة دينارٍ وصنف كل واحدٍ منه ألف دينارٍ، قالت له: تسمح نفسك بأربعة منهم؟ قال: نفسي تسمح بالجميع فقالت: قم يا ولدي من غير مطرود وأخرج فصاً منها يكون ثمنه خمسمائة دينارٍ واسأل عن دكان المعلم عبيد شيخ الجواهرجية واذهب إليه تراه جالساً في دكانه وعليه ثيابٌ فاخرةٌ وتحت يده الصناع فسلم عليه وأجلس في الدكان وأخرج الفص وقل له: يا معلم خذ هذا الحجر واصنع لي خاتماً بالذهب ولا تجعله كبيراً بل أجعله على قدر مثقالٍ من غير زيادةٍ وأصنعه صنعاً جيداً ثم أعطه عشرين ديناراً وأعط الصناع كل واحدٍ ديناراً وأقعد عنده حصةً وتحدث معه وإذا أتاك سائلٌ فأعطه ديناراً وأظهر الكرم حتى يتولع بمحبتك ثم قم من عنده ورح إلى منزلك وبت هناك فإذا أصبحت فهات معك مائة دينارٍ وأعطها لأبيك فأنه فقير الحال قال: وهو كذلك، ثم خرج من عنده وذهب إلى الوكالة وأخذ فصاً ثمنه خمسمائة دينار وعمد به إلى سوق الجواهر وسأل عن دكان المعلم عبيد شيخ الجوهرية فدلوه على دكانه فلما وصل إلى الدكان رأى شيخ الجوهرية رجلاً مهاباً وعليه ثيابٌ فاخرةٌ وتحت يده أربعة صناعٍ فقال لهم: السلام عليكم فرد عليه السلام ورحب به وأجلسه فلما جلس أخرج له الفص وقال له: يا معلم أريد منك أن تصوغ لي هذا الحجر خاتماً بالذهب ولكن اجعله على قدر مثقالٍ من غير زيادةٍ وصغه صياغةً طيبةً ثم أخرج له عشرين ديناراً وقال له: خذ هذه في نظير نقشه الأجرة باقيةٌ ثم أعطى كل صانع ديناراً فأحبه الصناع وأحبه المعلم عبيد وقعد يتحدث معه وصار كل من أتاه من السائلين يعطيه ديناراً فتعجبوا من كرمه ثم أن المعلم عبيد كان عنده عدةً في بيته مثل العدة التي في الدكان وكان من عادته أنه إذا أراد أن يصنع شيئاً غريباً يشتغله في بيته حتى أن الصناع لا يتعلمون منه الصنعة الغريبة وكانت الصبية زوجته تجلس قدامه فإذا كانت قدامه ونظر إليها يصنع لك شيءٌ غريبٌ صناعته بحيث لا يليق إلا بالملوك فقعد يصنع هذا الخاتم صنعةً عجيبةً في البيت فلما رأته زوجته قالت: ما مرادك أن تصنع بهذا الفص؟ قال: أريد أن أصوغه خاتماً بالذهب فأن ثمنه خمسمائة دينارٍ فقالت له: لمن؟ قال: لغلامٍ تاجرٍ جميل الصورة له عيونٌ تجرح وخدودٌ تقدح وله فمٌ كخاتم سيدنا سليمان ووجنتان كشقائق النعمان وشفائف حمرٍ كالمرجان وله عنقٌ مثل أعناق الغزلان وهو أبيضٌ مشربٌ بحمرة ظريفٍ، لطيفٍ، كريمٍ فعل كذا وكذا وصار تارةً يصف لها حسنه وجماله وتارةً يصف لها كرمه وكماله وما زال يذكر لها محاسنه وكرم أخلاقه حتى عشقها فيه ولم يكن أحدٌ أعرض من الذي يصف لزوجته إنساناً بالحسن  والجمال وفرط سخائه بالمال.
فلما أفاض منها الغرام قالت له: هل يوجد فيه شيء من محاسني؟ فقال لها: جميع محاسنك كلها فيه وهو شبيهك في الصفة وربما كان عمره قدر عمرك ولولا أني أخاف على خاطرك لقلت: أنه أحسن منك ألف مرةٍ فسكتت ولكن التهبت نار محبته في قلبها ثم أن الصائغ لم يزل يتحدث معها في تعداد محاسنه حتى فرغ من صياغة هذا الخاتم وناوله لها فلبسته فجاء على قدر إصبعها فقالت له: يا سيدي أن قلبي حب هذا الخاتم وأشتهي أن يكون لي ولا أنزعه من إصبعي، فقال لها: اصبري فأن صاحبه كريمٌ وأنا أطلب أن أشتريه منه فأن باعني إياه جئت به إليك وأن كان عنده حجرا آخر اشتريه لك وأصوغه مثله.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة السادسة والستين بعد التسعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجوهري قال لزوجته: اصبري فأن صاحبه كريمٌ وأنا أطلب أن اشتريه منه فأن باعني إياه جئت به إليك وأن كان عنده حجرٌ آخر اشتريه وأصوغه لك مثله، هذا ما كان من أمر الجوهري وزوجته.
وأما ما كان من أمر قمر الزمان فأنه بات في منزله فلما أصبح أخذ مائة دينارٍ وأتى إلى العجوز زوجة المزين وقال لها: خذي هذه المائة دينارٍ فقالت له: أعطيها لأبيك فأعطاها له ثم أنها قالت له: هل فعلت كما قلت؟ قال: نعم قالت له: قم وتوجه الآن إلى شيخ الجوهرية فإذا أعطاك الخاتم فضعه في رأس إصبعك وانزعه بسرعةٍ وقل له: يا معلم أخطأت أن الخاتم جاء ضيقاً فيقول لك: يا تاجر هل أكسره وأصوغه واسعاً؟ فقل له: ما أحتاج إلى كسره وصياغته ثانياً ولكن خذه وأعطه لجارية من جواريك وأخرج له حجراً آخر يكون ثمنه سبعمائة دينارٍ وقل له: خذ هذا الحجر صنعه لي فأنه أحسن من ذلك وأعطه ثلاثين ديناراً وأعط لكل صانعٍ دينارين وقل له: هذه الدنانير في نظير نقشه والأجرة باقيةٌ ثم أرجع إلى منزلك وبت هناك وتعالى في الصباح ومعك مائتا دينارٍ وأنا أكمل لك بقية الحيلة.
ثم أنه ذهب إلى الجوهري فرحب به وأجلسه على الدكان فلما جلس قال له: هل قضيت الحاجة؟ قال: نعم وأخرج له الخاتم فأخذه وحطه في رأس إصبعه ثم نزعه سريعاً وقال له: أخطأت يا معلم ورماه له وقال له: أنه ضيق على إصبعي فقال له الجوهري: يا تاجر هل أوسعه لك؟ قال: لا، ولكن خذه إحسانا وألبسه لبعض جواريك فأن ثمنه تافهٌ لأنه خمسمائة دينارٍ فلا يحتاج إلى صياغته ثانياً ثم أخرج له فصاً آخر ثمنه سبعمائة دينارٍ وقال له: اصنع هذا الخاتم ثم أعطاه ثلاثين ديناراً وأعطى كل صانعٍ دينارين فقال له: يا سيدي لما تصوغ الخاتم تأخذ أجرته قال: هذه في نظير نقشه والأجرة باقية ثم تركه ومضى فاندهش الجوهري من شدة كرم قمر الزمان وكذلك الصناع ثم أن الجوهري ذهب إلى زوجته وقال لها: يا فلانة ما رأت عيني أكرم من هذا الشاب وأنت بختك طيبٌ لأنه أعطاني الخاتم بلا ثمنٍ وقال لي: أعطه لبعض جواريك وحكى لها القصة.
ثم قال لها: أظن أن هذا الولد ما هو من أولاد التجار وإنما هو من أولاد الملوك والسلاطين وصار كلما مدحه تزداد فيه غراماً ووجداً وهياماً ثم لبست الخاتم والجوهري صاغ له الثاني أوسع من الأول بقليل فلما فرغ من صناعته لبسته في إصبعها من داخل الخاتم الأول ثم قالت: يا سيدي انظر ما أحسن الخاتمين في إصبعي فأشتهي أن يكون الخاتمان لي فقال لها: اصبري لعلي اشتري الثاني لك ثم بات فلما أصبح أخذ الخاتم وتوجه إلى الدكان. هذا ما كان من أمره. وأما ما كان من أمر قمر الزمان فأنه أصبح متوجهاً إلى العجوز زوجة المزين وأعطاها مائتي دينار فقالت له: توجه إلى الجوهري فإذا أعطاك الخاتم فضعه في إصبعك وانزعه سريعاً وقل أخطأت يا معلم أن الخاتم جاء واسعاً والمعلم الذي يكون مثلك إذا أتاه مثلي بشغلٍ ينبغي له أن يأخذ القياس فلو كنت أخذت قياس إصبعي ما أخطأت وأخرج له حجراً آخر يكون ثمنه ثمانمائة دينارٍ وقل له: خذ هذا اصنعه وأعط هذا الخاتم إلى جاريةٍ من جواريك ثم أعطه أربعين ديناراً وأعط كل صانع ثلاثة دنانيرٍ وقل له: هذا في نظير نقشه وأما الأجرة فأنها باقيةٌ وانظر ماذا يقول لك ثم تعال ومعك ثلثمائة دينارٍ وأعطها لأبيك يستعين بها على وقته فأنه رجلٌ فقير الحال، فقال سمعاً وطاعةً ثم أنه توجه إلى الجوهري فرحب به وأجلسه ثم أعطاه الخاتم فوضعه في إصبعه ونزل به بسرعةٍ وقال له: ينبغي للمعلم الذي مثلك إذا أتاه مثلي بشغلٍ أن يأخذ قياسه فلو كنت أخذت قياس إصبعي ما أخطأت ولكن خذه وأعطه لبعض جواريك ثم أخرج له حجراً ثمنه ثمانمائة دينارٍ وقال له: خذ هذا وأصنعه لي خاتماً على قدر إصبعي.
فقال: صدقت والحق معك فأخذ القياس وأخرج له أربعين ديناراً وقال له: خذ هذه في نظير نقشه والأجرة باقيةٌ فقال له: يا سيدي كم أجرة هذا أخذناها منك فإحسانك علينا كثيرٌ فقال له: لا بأس ثم أنه تحدث معه حصة وصار كلما يمر به سائل يعطيه ديناراً وبعد ذلك تركه وانصرف. هذا ما كان من أمره.
وأما ما كان من أمر الجوهري فأنه توجه إلى بيته وقال لزوجته: ما أكرم هذا الشاب التاجر فما رأيت أكرم منه وأجمل منه ولا أحلى من لسانه وصار يذكر لها محاسنه وكرمه ويبالغ في مدحه.
فقالت له: يا عديم الذوق حيث كنت تعرف فيه هذه الصفات وقد أعطاك خاتمين مثمنين ينبغي لك أن تعزمه وتعمل له ضيافةً وتتودد إليه فإذا رأى منك المودة وجاء منزلنا ربما تنال منه خيراً كثيراً وأن كنت لا تسمح له بضيافة فأعزمه وأنا أعمل له الضيافة من عندي، فقال لها هل أنت تعرفين أنني بخيلٌ حتى تقولي هذا الكلام؟ قالت له: ما أنت بخيلٌ ولكنك عديم الذوق فأعزمه في هذه الليلة ولا تجيء بدونه وأن أمتنع فأحلف بالطلاق وأكد عليه، فقال لها: على الرأس والعين؟ ثم أنه صاغ الخاتم ونام وأصبح في ثاني يوم متوجهاً إلى الدكان وجلس فيها. هذا ما كان من أمره.
وأما ما كان من أمر قمر الزمان فأنه أخذ ثلثمائة دينارٍ وتوجه إلى العجوز وأعطاها لزوجها فقالت له: ربما يعزم عليك في هذا اليوم فإذا عزم عليك وبت عنده فمهما جرى لك فأخبرني به في الصباح وهات معك أربعمائة دينارٍ وأعطها لأبيك فقال سمعاً وطاعةً، وصار كلما فرغت منه الدراهم يبيع من الأحجار، ثم أنه توجه إلى الجوهري فقام له وأخذه بالأحضان وسلم عليه وعقد معه صحبةً، ثم أنه أخرج الخاتم فرآه على قدر إصبعه فقال له: بارك الله فيك يا سيد المعلمين أن الصياغة موافقةٌ، ولكن الفص ليس على مرادي، لأن عندي أحسن منه فخذه وأعطه لبعض جواريك وأخرج لي غيره، وأخرج له مائة دينارٍ وقال له: خذ أجرتك ولا تؤاخذنا فأننا تعبناك، فقال له: أن الذي تعبنا فيه قد أعطيتنا إياه وتفضلت علينا بشيءٍ كثيرٍ وأنا قلبي تعلق بحبك ولا أقدر على فراقك، فبالله عليك أن تكون ضيفي في هذه الليلة وتجبر خاطري. فقال: لا بأس ولكن لا بد أن أتوجه إلى الخان لأجل أن أوصي أتباعي وأخبرهم بأنني بائت في الخان حتى لا ينتظروني، فقال له: أنت نازلٌ في أي خان؟ قال: في الخان الفلاني، فقال: أجيء إليك هناك، فقال: لا بأس. ثم أن الجوهري توجه إلى ذلك الخان قبل المغرب خوفاً من غضب زوجته عليه أن دخل البيت بدونه، ثم أنه أخذه ودخل به في بيته وجلسا في قاعة ليس لها نظير، وكانت الصبية رأته حين دخوله فافتتنت به، ثم صارا يتحدثان إلى أن جاء وقت العشاء فأكلا وشربا وبعد ذلك جاءت القهوة والشربات لم يزل يسامره إلى وقت العشاء فصليا الفريضة ثم دخلت عليهما جاريةٌ ومعها فنجانان من المشروب فلما شربا غلب عليهما النوم فناما ثم جاءت الصبية فرأتهما نائمين فنظرت إلى وجه قمر الزمان فاندهش عقلها من جماله وقالت: كيف ينام من عشق الملاح؟ ثم قلبته على قفاه وركبت على صدره، ومن شدة غيظها من غرامه نزلت على خدوده بعلقة بوس حتى أثر ذلك في خده فاشتدت حمرته وزهت وجنته ونزلت على شفتيه بالمص ولم تزل تمتص شفته حتى خرج الدم من فمها ومع ذلك لم تنطفئ نارها ولم يرو أوارها، ولم تزل معه بين بوس وعناق والتفاف ساق على ساق حتى أشرق جبين الصباح وتبلج الفجر ولاح.
ثم وضعت في جيبه أربعة عواشقٍ وتركته وراحت وبعد ذلك أرسلت جاريةً بشيء مثل النشوق فوضعته في مناخيرهما فعطسا وأفاقا فقالت لهما الجارية: اعلموا يا أسيادي أن الصلاة وجبت فقوموا لصلاة الصبح، وباتت لهما بالطشت والإبريق، ثم قال قمر الزمان: يا معلم أن الوقت جاء وقد تجاوزنا الحد في النوم، فقال الجوهري للتاجر: يا صاحبي أن نوم هذه القاعة ثقيلٌ كلما أنام فيها يجري لي هذا الأمر، فقال: صدقت، ثم أن قمر الزمان أخذ يتوضأ، فلما وضع الماء على وجهه أحرقته خدوده وشفته فقال: عجباً إذا كان هواء القاعة ثقيلاً واستغرقنا في النوم ما بال خدودي وشفتي تحرقني؟ ثم قال: يا معلم خدودي وشفتي تحرقني ثم قال: أظن أن هذا من فعل الناموس، فقال: عجباً وهل يجري لك فيها مثلي؟ قال: لا ولكن إذا كان عندي ضيفٌ مثلك يصبح يشكو من قرص الناموس ولا يكون ذلك إلا إذا كان الضيف مثلك أمرد وأما إذا كان متلحياً فلا يهوى أصحاب اللحى، فقال له: صدقت.
ثم أن الجارية جاءت لهما بالفطور فأفطرا وخرجا وراح قمر الزمان إلى العجوز فلما رأته قالت له: أني أرى آثار الحظ على وجهك بما رأيت؟ قال لها: ما رأيت شيئاً وإنما تعشيت أنا وصاحب المحل في قاعة وصلينا صلاة العشاء ثم نمنا فما أفقنا إلا الصبح، فضحكت وقالت: ما هذا الأثر الذي على خدك وعلى شفتك؟ قال لها: إن ناموس القاعة فعل معي هذه الفعال، فقالت: صدقت، وهل جرى لصاحب البيت مثل ما جرى لك؟ قال: لا ولكنه أخبرني أن ناموس تلك القاعة لا يضر أصحاب اللحى ولا يعف إلا على المرد وكلما يكون عنده ضيفٌ فأن كان أمرد يصبح يشكو من قرض الناموس وأن كان ملتحياً فلا يجري له شيءٌ من ذلك، فقالت: صدقت، فهل رأيت شيئاً غير هذا؟ قال: رأيت في جيبي أربعة عواشقٍ، قالت له: أرني إياها فأعطاها لها، فأخذتها وضحكت وقالت: إن معشوقتك قد وضعت هذه العواشق في جيبك، قال: وكيف ذلك؟ قالت: أنها تقول لك بالإشارة: لو كنت عاشقاً ما نمت فأن الذي يعشق لا ينام ولكن أنت لم تزل صغيرٌ ولا يليق بك إلا اللعب بهذه العواشق، فما حملك على عشق الملاح وقد جاءتك في الليل فرأتك نائما فقطعت خدودك بالبوس وحطت لك هذه الأمارة ولكنها لا يكفيها منك ذلك بل لا بد أن ترسل إليك زوجها فيعزم عليك في هذه الليلة فإذا رحت معه فلا تنم عاجلاً وهات معك خمسمائة دينارٍ وتعال أخبرني بما يحصل وأنا أكمل لك الحيلة، قال سمعاً وطاعةً ثم توجه إلى الخان. هذا ما كان من أمره.
وأما ما كان من أمر زوجة الجوهري فأنها قالت لزوجها: هل راح ضيفنا؟ قال: نعم ولكن يا فلانة أن الناموس شوش عليه في الليلة وقطع خدوده وشفته وأنا استحيت منه، فقالت: هذه عادة ناموس قاعتنا فأنه لا يهوى إلا المرد ولكن أعزمه في الليلة الآتية، فتوجه إلى الخان الذي هو فيه وعزمه وأتى به إلى القاعة فأكلا وشربا وصليا العشاء فدخلت عليهما الجارية وأعطت كل واحدٍ فنجاناً.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حكاية قمر الزمان مع معشوقته
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حكاية الصياد مع العفريت
» حكاية وردان الجزار
»  شمعة في ظلام الزمان
» حكاية بدندر
» حكاية هند بنت النعمان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الأنمي الضائع || The Lost Anime :: تسلية الأعضاء :: القصص و الروايات-
انتقل الى: