احزروا من هي!

جميع البشر عاشوا فيها،وارتموا بحضنها واحتوتهم،عجيية هي ،وغربية،جميلة،وأنيقة

وتمسك بيدها كأسا ليشرب من كأسها جميع البشر،فتارة يكون حلو المذاق،وتارة أخرى

 يكون مر وسيء المذاق،وبابها مفتوح للجميع،ولكن بقاؤها ودوامها مستحيل،انهال عليها

كل العشاق فأغرتهم وأغوتهم،وفي أحداثها مسرحية سنرويها الآن:

ولد بين يديها جميع الأنام(البشر)،وهم لا يدرون ما الذي ينتظرهم؟،وبمجرد ماإن فتحوا

 أعينهم

 ووعوا بما فيها،لمحوها تبتسم لهم تارة وتارة أخرى تكشر لهم عن أنيابها،وكانت غنية

 يوجد لديها الكثير من الأموال،ويوجد عندما الملك والقوة،فأغرتهم بكل هذا فوقعوا

في حبها وغرامها وطمعوا بما فيها،فأصبحوا يحسدون بعضهم البعض،ويحقدون على

 بعضهم البعض،حتى أصبح الأمر في منتهى الجنون وجرأة كبيرة على القتل،فأعمت قلوبهم

بالرغم من أن أعينهم لا زالت مبصرة ،وزاد الأمر عن حده فأصبح لهوا، ولعبا ،وضياع أكثر

فأكثر،والوقت يضيع ،والعمر يضيع،ولا تزال قلوب الناس متعلقة بها،وبينما هم كذلك

هناك فئة أخرى من الناس يكافحونها ويعطونها ظهورهم،ومهما أغرتهم وتجملت لهم 

تجاهلوها ولم يعيروها أي اهتمام،فقامت تأتيهم مرغمة وهي تبكي أريدكم لا أريد سواكم

فزادوا إصرارا،ترجتهم وبكت وأعطتهم كل مالديها،فأخذوا منها مالديها مالها،وسلطانها،و

قوتها،وأما هي ضربوها في عرض الحائط ولم تتمكن منهم،فاستغلوا وقتهم وكل 

مجهودهم استعدادا لدار أخرى،هي أجمل ،وأفضل،وأضمن أرادوها هي ،فباعوها لأجل

أن يشتروا الأخرى،فاستغلوا وقتهم وأعمارهم في حجز مكان لهم فيها لأنهم عشقوها،و

لم يعشقوا الأولى.

ألا وتلك الأولى :الدنيا الفانية ،والثانية:الدار الآخرة الباقية، يقول الله تعالى عن الدنيا: 

﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ

 وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا

 لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾

 (يونس: 24).

فهلم لنحصل عليها ألا وهي الآخرة،بعيدا عن الدنيا فما هي إلا دار فناء ،وفي نفس

الوقت وجب أن لا ننسى نصيبنا فيها ،في وسيلة وليست بغاية ،يقول الله تعالى : 

﴿ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ (القصص: 77)

وخير دعاء يقال هو : اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.